ما المثقف من وجهة نظري ؟ |
Hguhfmohamed « Censeur » 1704006120000
| 0 | ||
القسم الأول :- سمات المثقف الفكرية التي يجب أن تكون متزامنة لإكتساب ما يُطلق عليه "الموضوعية فكرية" (الترتيب لا ينم عن الأسبقية تقريبًا) أولًا :- الإطلاع على وجهات النظر المختلفة ولا أقصد هنا كتب الرد اللاجم على الوس*خ الفا*جر أو الرد المفحم على الكل*ب المجر*م أو فيديوهات الرد على فلان الموجودة في يوتيوب، تلك الفيديوهات التي تقتطع وجهة نظر الخصم بشكل يجعلها أضعف أو لا تسمح للمستمع برؤية الجدل كامل فقد يأتي الشخص المردود عليه برد أقوى دون أن يعلم المستمع بذلك، ولا أقصد كذلك المناظرات التي تعتمد على سرعة البديهة وفنون الخطابة التي قد لا يمتلكها الشخص المثقف بالضرورة فالتحليل يحتاج لتأمل ووقت للتفكير وكذلك البحث وسؤال المتخصصين ومقارنة وجهات النظر المختلفة وأيضًا إمتلاك سعة الوقت للتحضير للمناظرة دون وجود مشاغل، أما سرعة البديهة البديهة فلا حاجة لها في الأمور الفكرية التي تتطلب تحليل عميق للبراهين والإستدلالات المقدمة. سبب أهمية تلك المرحلة أن الشخص حين ينظر للمناظير الفكرية المختلفة، سيعرف مثلًا بعد الإطلاع على المنظور الفكري لخصمه أنه كشخص يمتلك وجهة نظر ضعيفة لا يستطيع الدفاع عنها وتبريرها، وبالتالي سيبدأ في الإعتراف بالقصور المعرفي ثم سيتخلى عن الحجج الضعيفة التي يستخدمها، وسيينشغل في البحث عن حجج أقوى يبرر بها أفكاره، أو حتى يتخلى عن أفكاره بالكلية ويعتنق أفكار الخصم إن إستنتج أن أفكاره المسبقة كانت خاطئة. وهنا سيكون قد إتبع طريقة البحث والتفكير السليمة، وإن إستمر في إتباع تلك المنهجية في تقييم صحة أفكاره ومعتقداته أو تقييم أي قضية فكرية أي تقييمها بالإطلاع على وجهات النظر المختلفة فحينها سيعلم أوجه القصور في وجهات النظر التي يعتنقها أو يفكر في إعتناقها وسيبدأ في البحث أو صياغة حجج أقوى أو بالطبع إن كان لازمًا تغيير أفكاره لأفكار لها براهين أقوى تبررها. مثال على ذلك :- (أرسطو قال أن أفلاطون كان موجود، بما أن أرسطو صادق وقوي وشجاع إذا إدعاء أرسطو صحيح) لو عرضت وجهة النظر تلك على 10 أشخاص، 9 لن يستطيعوا نقدها وواحد سينقدها نقدًا سليمًا، سيخبرك ذلك الواحد أن قوة أرسطو وشجاعته لا علاقة لها بصحة كلامه، وبالتالي حجتك جزء منها خاطئ.ستدرك قول هذا الشخص وستذهب لحجتك وستعدل عليها وتحذف قوة أرسطو وشجاعته لأن ليس لها علاقة بصدق إدعاء وجود أفلاطون حتى لا يكون ذلك الخطأ حجة عليك في أي نقاش مستقبلي. فتكون الحجة كالأتي :- أرسطو قال أن أفلاطون كان موجود، بما أن أرسطو صادق إذا إدعاء أرسطو صحيح) لولا الاعتراف بالخطأ هنا، لإستمر الانسان مستكبرًا مستعملًا نفس الحجة دون تغيير لأنه لا يعتقد أنه على خطا، وهذا ينقلنا للحديث عن شرط أن يخرج الشخص من تلك المرحلة بفائدة حقيقية. ويكون الشرط كالأتي :- الحكم على القضايا المختلفة والبراهين المقدمة بالعدل وعدم التكبر على الإعتراف بالخطأ والقصور المعرفي أو ما نطلق عليه "الإنصاف". الإنصاف هنا يكمن في الحكم على البراهين المقدمة بالعدل، والإعتراف بالخطأ أو ضعف الحجج المستخدمة لتبرير المعتقدات التي إعتقدنا بها وأن الحقيقة التي إعتقدنا أننا نملكها كانت خاطئة وزائفة ، هذا هو أول سبيل للمثقف حتى يدرك الأفكار الخاطئة التي نشأ وتربى عليها، أو الحجج الضعيفة التي يعتمدها لتبرير أفكاره، وما يحفز الإعتراف بالخطأ أو ضعف الحجج المستخدمة لتبرير المعتقدات التي إعتقدنا به هو الإطلاع على وجهات النظر المختلفة،لأنها ما تجعلنا نشك وذلك يكون بإستفزاز حسنا المنطقي والعقلاني من أجل التفكير والتمحيص في معتقداتنا وأفكارنا عندما ندرك عدم وجود مبررات لمعتقداتنا التي إعتقدنا بها فنسعى لجمع الحجج والأدلة للبرهنة على صحى معتقداتنا أو تغيير معتقداتنا إن لم نجد في تلك الحجج والأدلة ما يكفي لإطفاء نار الشك فينا. وهذا أمر معظمه يعتمد على التربية والبيئة والجينات،فلو تربى أو نشأ في بيئة سليمة تربيه على طرق التفكير السليمة وتم توفير الإنفتاح الفكري والثقافي على الأفكار المغايرة له، ولم يتربى الشخص على التعرض للتلقين الزائد مثلًا بل وحتى عدد سنين التلقين قبل البدأ في التفكير والتشكك ، كل هذه العوامل تؤثر إيجابًا وسلبًا في أن يكون الشخص منصفًا في حكمه على الأفكار والمعتقدات بإتباع البرهان والدليل لكن بالطبع دائمًا ما سيكون هناك أشخاص دوغامئيين بسبب تربيتهم في بيئة قائمة على التلقين الزائد و عدم الإنفتاح أو ربما بسبب جيناتهم حيث يكون نهجهم حينها الإعتكاف على مناهج التعصب والدوغمائية، وتعريف ويكي للدوغمائية :- هي حالة من الجمود الفكري، حيث يتعصب فيها الشخص لأفكارهِ الخاصة لدرجة رفضهِ الاطلاع على الأفكار المخالفة، وإن ظهرت لهُ الدلائل التي تثبت لهُ أن أفكارهُ خاطئة، وتعتبر حالة شديدة من التعصب للأفكار والمبادئ والقناعات، لدرجة معاداة كل ما يختلف عنها. وهي تعدّ حالة من التزمّت لفكرة معينة من قبل مجموعة دون قبول النقاش فيها أو الإتيان بأي دليل يناقضها لأجل مناقشته. وهولاء موجودين في كل زمان ومكان وعصر وأوان، لم ولن يختفوا أبدًا ولا يكون الحل إلا بتجاهلهم، فمصير تلك الأيدولوجيات الغير مبررة منطقيًا أن تندثر،فلا يقتنع بمثل تلك الإيدولوجيات إلا قلة من السُذج، وإن حصل وإقتنعت أغلبية في ظروف ما لحقبة ما،فسرعان ما سيأتي عاجلًا أم أجلًا جيل جديد ليتملص منها لأن الأفكار لا تورث دون تبرير يوصلهم للقناعة. ثانيًا :- إمتلاك الرغبة خالصة في معرفة الحقيقة كما هي وليس وضع الحقيقة المرادة بالهوى ثم البحث عن براهين تدعمها أو التأثر بالمشاعر الإنسانية وأسمي تلك المرحلة مرحلة الحياد العاطفي أي عدم تأثر الحكم على القضايا المختلفة بالمشاعر والرغبات. لو كان المثقف يطلع على وجهات النظر المختلفة معترفًا بخطأ الحقيقة التي إعتقد أنه يملكها، لكن راغبًا في البحث عن حجج لتأكيد حقيقة معينة في عقله سواء لرغبة فيها أو كرهًا للفكرة الأخرى أو الغضب منها فحينها لن يفيده الإعتراف بالخطأ أو البحث في وجهات النظر المختلفة في أن يكون مثقفًا، فالمثقف يتبع الدليل حيث يقوده لا أن يبحث عن البراهين التي تدعم أفكاره المُسبقة وإلا فلن يعجز عن إثبات الفكرة التي في باله لأنه السهل جدًا أن تضع النتيجة التي تريد الوصول لها ثم تنطلق في البحث لها عن حجج تبررها، ولا أجد أبلغ من هذا القول لوصف ما أعنيه "من أرادَ هجرك وجدَ في ثُقب البابِ مخرجًا ومن أرادَ ودَّك ثَقَبَ في الصخرةِ مدخلاً." ومن أفضل الأمثلة التي يمكن طرحها للتعبير عن هذه الفكرة المؤمن الذي ينظر لدينه نظرة التقديس للدين ويرغب فقط في حجج تؤكده ويرى فيه الخير المطلق ، و حتى فئة يتناساها البعض ، اللادينيون الذي ينتقل معظمهم من ترك الدين لكره الدين وبغضه (ولهم مبرراتهم بسبب إقصاء المجتمع لهم، ذلك الإقصاء الذي يصل لحد التعنيف الجسدي والبدني، لكن المبررات بطبيعة الحال لا تمنع أنه خطأ الفكري وعدم موضوعية) فينظر للدين من بعدها نظرة شيطانية بحتة، وكأنه لم يأتي منه الخير أبدًا، فلم يكن سببًا في بناء منظومة أخلاقية تحث على الأخلاق الحميدة والذبح للفقراء والتبرع بأموال الزكاة للمحتاجين وتشجيع عتق الرقاب وحسن معاملة العبيد والأسرى. وأن الدين من منطلق محايد كان نتاج ثقافي من رحم البيئة التي أتى منها والتي تتناسب تشريعاته مع تلك البيئة البدوية التي جاء منها قبل عدة قرون مضت قبل تطور الفكر والحضارة وشيوع الفلسفة والعلم، فلربما يُنظر إلينا في المستقبل بنفس نظرتنا لهم على أننا رجعيين أيضًا لأننا كنا نخوض الحرو* أو نق*ل الحيوانات لنأكل لحمها أو نضع بين البشر حدود تمنعهم من التنقل بحرية، وهي بالنسبة لهم بعد قرون عبارة عن أمور لا يعرفوا كيف نأتي بها على الرغم من كونها طبيعية الأن كما نفعل مع أمور كالعبو*ية أو العن*صرية ضد الس*ود. فهي في تقديري الشخصي منظومة أخلاقية ثورية كم عبر عن ذلك نيتشا بقوله "الدين ثورة العبيد" وهي ثورة فكرية حسب زمانهم حينما كان من العادي في كل حقبة أن يكون هناك ثورة ثقافية لا تأتي إلا من رحم الدين في ظل عزوف عامة الناس عن الفلسفة، ففي زمنهم الملئ بالخرافات والفكر البدائي كان الدين هو الوسيلة الوحيدة لبناء المنظومة الأخلاقية وإلزام الناس بإتباعها وتوحيد المجتمعات وتنظيمها وقد نجح الإسلام في ذلك مثلًا نجاحًا باهرًا بتوحيد المجتمع البدوي العربي البدائي تحت راية واحدة وهي راية الدين التي إكتسحت عسكريًا إثنين من أعظم الحضارات وأعني بذلك الفرس والروم كما وبنت خلافة إسلامية متنامية الأطراف إستمرت ل12 قرنًا من الزمان. سيكون حينها من الإجحاف بعد كل ذلك أن نحكم على تلك المنظومة بعد 1400 سنة من التطور العلمي والفلسفي والأخلاقي من تراكمات الخبرة البشرية على مدار أربعة عشر قرنًا بأنها أم الشرور مرتكبين بذلك مغالطة منطقية شهيرة يُطلق عليها "مغالطة المؤرخ"، وعليه، فإن من الواجب علينا أن نذكر لتلك التجربة التي أخذت دهرًا من عمر البشرية ما لها وما عليها دون زيادة أو نقصان وأن نضعها في مرتبتها الحقيقية لأن هذا ما تستحقه. وهنا تأتي نهاية تلك المرحلة، ويكون نتاجها الفكري كالمثال الذي أعرضه لك لنقد كنتُ قد كتبته لأحد الأفكار النسوية :- "بعض النسويات يعتبرون أن المجتمع يشبه الرجل بالمرأة وأن هذا عنصرية كأن يسب الرجل أو المرأة رجلًا أخر قائلًا :- "أنت مش راجل،أنت مرة" وكأنه يعتبر المرأة كائنًا أدنى وأقتبس لكم من مقالة باسكال صوما "الشتيمة الجنسية شكل أخر للعنف...النساء كأداة إنتقامية" بداية الإقتباس :- واستعراض العضو الذكري في هذه الشتائم، كفاتك، والنساء كمفتوك بهنّ، يترافق أيضاً مع إهانة الرجال عبر إعطائهنّ صفات النساء (لا سيما لناحية الميول والاتجاهات الجنسية)، ما يشير إلى هذا الفرق الكبير بين مكانة الرجل الاجتماعية وتلك الخاصة بالنساء، ليصبح تشبيه أحدهم بالنساء إهانةً وشتيمة." إنتهى. أما الرد :- على النسويات أن يعلموا أن المجتمع أيضًا يشبه المرأة بالرجل أو يعطي للمرأة أحد صفات الرجل ويستخدم ذلك للإهانة مثل "أنتي مسترجلة،أنتي طلعلك شنب ولا أيه " وكأن الإسترجال والشنب وهما سمات من سمات الرجل شتيمة ومسبة، فهل هذا يعني أن المجتمع عنصري ضد الرجل ؟ الحقيقة أن هذا الأمر ليس عنصرية -لأن المظلومية إن كانت تقع على الجنسين تُسمى خطئًا لا عنصريةو هذا إن سلمنا أنها خطأ من الأساس، فأنا شخصيًا أرى أن الغرض من إستخدام مثل تلك التعبيرات هو الإنتقاص من الشخص الموجه له الحديث،فإعطاء المرأة صفة من الصفات الرجولية ينتقص من أنوثتها وإعطاء الرجل صفة من الصفات الأنثوية ينتقص من رجولته ولهذا يشعر المرء بالإهانة إن أعطي صفة من صفات الجنس الأخر لأن في هذا تقليل من صفاته الجندرية وبالتالي إنتقاص منه. ولا يوجد في هذا أي تعبير عن الفرق في المكانة الإجتماعية أو إنتقاص من الجنس نفسه كما هو الفهم السائد بل الغرض يكون إهانة من يوجه إليه الحديث بالإنتقاص من سماته الجندرية. لو تخلينا قدر الإمكان عن إنحيازاتنا وإطلعنا على وجهات النظر المختلفة لعلمت حينها النسوية أن جزء ما تدعيه من عنصرية في بعض المواضع غير موجود على أرض الواقع وأن تلك الإدعاءات نتاج تفكير متحيز -وإن صح غيرها من المظلوميات التي تقع على المرأة طبعًا- ، ولأصبح بعدها فكرها النسوي أكثر عقلانية وأقل إجحافًا يُطالب بالحقوق الحقيقية فعلًا ولا يصطنع أي مظلومية بعضها زائف يُستخدم من متربسيها المحافظين للتعميم على الفكر النسوي بأكمله ويجعل الإقتناع بالفكرة أصعب." إنتهى. |